قمع وعنف وانتهاكات.. هل تعاقب المرأة الأفغانية لمجرد كونها أنثى؟
قمع وعنف وانتهاكات.. هل تعاقب المرأة الأفغانية لمجرد كونها أنثى؟
منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان عام 2021، دخلت المرأة الأفغانية نفقًا مظلمًا من القمع والعنف والانتهاكات المنظمة، ولم يعد الأمر مجرد تقييد للحقوق أو فرض الحجاب الإجباري، بل تصاعد ليصل إلى السجن، التعذيب، التحرش الجنسي، الزواج القسري، بل وحتى القتل، ضمن سياسة ممنهجة تهدف إلى إسكات كل صوت نسائي يطالب بالحرية والكرامة.
هذا القمع لم يَعُد حكرًا على الناشطات أو الشخصيات العامة، بل بات يلاحق جميع النساء، من مختلف الطبقات الاجتماعية، في الريف كما في المدن، لقد أصبح كون المرأة "امرأة فقط" كافيًا لتحويلها إلى هدف محتمل للاضطهاد والعنف في ظل سلطة لا تعترف بوجودها خارج حدود الطاعة الكاملة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الاثنين.
وقالت الوكالة، إن قصصًا مثل حورا سادات وحسنا سادات تلخص الواقع القاسي، فالسيدتان، اللتان كانتا معروفتين بنشاطهما الاجتماعي، قُتلتا في ظروف غامضة، ثم جرى التلاعب بالقضية عبر إجبار العائلات على الإدلاء باعترافات إعلامية تُصور ما حدث على أنه "انتحار".
هذه ليست فقط محاولات لطمس الحقيقة، بل تكشف عن منهجية متعمدة لإسكات النساء وترويع الأخريات من السعي وراء أي مساحة من الحرية.
وفي سياق مشابه، أثار اختفاء المغنية زلاله حبيبي، التي شاركت في برنامج "ستاره افغان"، غضبًا واسعًا، خاصة بعد محاولات طالبان تسويق الحادثة على أنها "هروب منزلي"، من خلال نشر فيديوهات مفبركة واعترافات قسرية من زوجها.
القمع لا يرحم أحداً
الناشطة الحقوقية ظريفة قادري قالت في تصريحات مؤلمة: "المرأة في أفغانستان تُحاسب لمجرد كونها امرأة"، مؤكدة أن القتل، والتهديد، والتحرش، والاتهام الأخلاقي بات جزءًا من الحياة اليومية للأفغانيات.
وأشارت قادري إلى أن المجتمع نفسه يساهم في تعميق معاناة النساء، عبر تحميل الضحية اللوم، سواء على لباسها أو جرأتها في المطالبة بحقوقها، ما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب ويشجع الجناة.
وأكدت أن قصص زلاله، حورا، وحسنا، هي فقط نماذج من بين آلاف النساء اللواتي يُغتلن بصمت، دون أن يسمع أحدٌ باسمهن، أو تُطالب جهة ما بتحقيق العدالة لهن.
عزلة قانونية ومجتمعية
النساء الأفغانيات اليوم محرومات من التعليم الثانوي والجامعي، وممنوعات من العمل في معظم القطاعات، ولا يملكن حرية الحركة أو التعبير، وحتى الظهور في الأماكن العامة بات خطرًا على حياتهن.
في ظل غياب المؤسسات المستقلة، وتلاشي أي سلطة قضائية محايدة، لا وجود لعدالة ممكنة في البلاد. يتم إخراس العائلات، وتزوير التحقيقات، واستخدام الإعلام الخاضع لطالبان لتشويه الحقائق.
ورغم الخوف والترهيب، لا يزال بعض النساء الأفغانيات يقاومن. تُخاطر ناشطات -مثل ظريفة قادري- بحياتهن في الداخل والخارج لتوثيق ما يجري، وللحديث علنًا عن جرائم ضد الإنسانية تُرتكب بحق النساء في أفغانستان.
تقول قادري: "لقد تعهدنا، نحن النساء، ألا ننسى دماء زلاله، حورا، وحسنا.. وسنواصل نضالنا بكل ما نملك ضد نظامٍ يقوم على الرعب ويستمد بقاءه من إسكات النساء".